كيف أتعامل مع ظاهرة معينة ؟ هل يكون ذلك بالرفض والسخط ؟ هل يكون ذلك بالتعالى والانكار والسخرية..؟ أم نتناولها بشىء من الفهم والأدراك ؟
انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي أراء متعددة تصب في اتجاه واحد : فقد ذهب بعضهم إلى اعتبار تلك الاحتفالات "ضربا من اللامسؤلية" و ثمة من. رأى فيها "تهورا لا تحمد عواقبه " إضافة إلى الراي القاءل بانها "خالية من الإحترام لعري. بناتنا وتجملهن ولقلة حياء ابناءنا بسبب طول شعرهم وتقطع سراويلهم". ..والى اخر ذلك من التهم المشينة والنعوت الفاضحة.....وهذه الأراء كلها. كما ذكرت تنتظمها خلفية أخلاقوية فجة....ااا
أننا نعرف جيدا ان اي ممارسة. بصرف النظر عن نوعها وشكلها اذا تكررت. في الزمن وفي المكان وان كان متعددا. صارت اشبه بالعرف. واشبه بالتقليد. الذي تتوارثه الأجيال وياتيه الخلف. عن السلف ويمسي رفضه أو التعريض به ضربا من الفعل الذي لا جدوى منه .وشكلا من التعاطي الذي لا معنى له..كيف لا وأبناؤنا التلاميذ توارثوا ذلك جيلا عن جيل. وتسلمه. لاحقهم. عن سابقهم منذ سنوات كثيرة …”.فهل نأخذهم بذنب غيرهم.؟.” كما يقول ابن المقفع في كليلة ودمنة .
أننا ندرك جيدا ان ابناءنا التلاميذ. ونحن ندرسهم ونفهمهم ونعايشهم منذ عقود أنهم هم نساء الغد ورجال المستقبل والقاءمون على شؤون الدولة من مواقع مختلفة وفي مجالات متعددة كالتعليم والعدالة وشؤون المحتمع. والى ذلك من مسؤوليات جسيمة…ومن نراهم في مؤسسات دولتنا. اليوم…وخارجها في مواقع مختلفة و في. دول. اخرى. ومجتمعات أخرى … هم ابناؤنا الذين كانوا بالامس يحتفلون ويغنون ويرقصون سواء في المؤسسة التربوية أو خارجها….ااا
اننا ندرك جيدا. ان تلاميذنا. الذين نعتهم البعض. بقلة الأدب والاحترام.. ..ندرك انهم ليسوا كذلك …كيف لا وهم. يدرسون الادب والثقافة لأعلام عظام في تاريخ الثقافة الأنسانية ؟ كيف لا وهم الذين يدرسون لغات عديدة جمعت العربية إلى الفرنسية إلى الأنجليزية وغيرها من اللغات…أليست تلك اللغات ذات محمول اخلاقي وتربوي..وفلسفي….غزير…؟
أننا ندرك جيدا ان ابناءنا التلاميذ الذين نعتهم بعضهم باللامسؤولية انهم ليسوا. كذلك….كيف. لا. وهم الذين يدرسون العلوم الصحيحة. والعلوم الطبيعية والتجريية
وقادرون. على تفكيك الظاهرة ودراستها بوعي اقل مايقال فيه انه حاد…؟
اسمحوا لي ان استعير عبارة التوحيدي العظيم التى اجراها على لسان المعتضد يخاطب. وزيره تصحيحا لما اقترحه عليه في التعامل مع فءة من. رعيته فأقول.: ايها المتحاملون على أبناءنا “لا والله. لا. الرأي ما رأيتم ولا الصواب ماذكرتم….ولقد عصيتم الله بهذا الرأي فدللتم على قسوة القلب وقلة الرحمة ويبس الطينة …” ..
اليس من. حق ابناءنا. أن يروحوا. عن انفسهم ويجدون فرصا للفرح .؟اليس فرحهم ولو. لحين. غايتنا جميعا ؟
اليست تلك لحظة جميلة هاربة لا بد من المسك بها على. حد عبارة سارتر ؟
_اليست تلك لحظة انتشاء وامتلاء يخرج فيها الكاءن عما هو معهود رتيب على حد رؤية المتصوفة في ثقافتنا الانسانية ؟
_ألم يعلمنا الجاحظ العظيم ان لا نقف عند حدود الرؤية البصرية بل عند الرؤية العقلية التي تنفذ إلى جواهر الأمور وتردها إلى اسبابها الحقيقية الفعلية….الم يعلمنا ان لا نحكم على القينة حكما. اخلاقويا بل نتعامل معها باعتبارها وليدة بيءة ثقافية واجتماعية محددة؟
اليست تلك الاحتفالات شكلا من الخروج عن قيود الدرس الصارمة ؟ وعن قيود المؤسسة الاجتماعية القاسية….اليست في العمق رفضا لنظام سياسي تربوي وتعليمي تاكل منذ عقود….وان له أن يتغير..؟
ألم يعلمنا الفلاسفة ان نكف عن التأويل ألى التفسير الحقيقي والفهم السليم… اذ هو الطريق الحقيقي. إلى التغيير…؟
ألا يجدر بنا ان نكف عن الجلوس على الربوة وننظر إلى الاخر من علو. متجاهلين أخطاءنا وعيوبنا. التى قد تكون افظع وأنكأ..؟
الا يجدر بنا ايظا ان نقطع. مع ثقافة “الاكل في دار ابي سفيان..والصلاة وراء عثمان” التي تجعلنا في منأى عن بذل المجهود والغنم بأيسر السبل لنحوز اعجاب الاخرين باراءنا وانجازاتنا التي نظن انها سليمة.؟
الا يجدر بنا ان نتوجه إلى تلامذتنا بالمعاملة الراقية التي تليق بهم ؟ وأن نعاملهم كناضجين لا كقاصرين. كما علمنا توفيق الحكيم في مسرح المجتمع ؟
ألا يجدر بنا أن نفهم أننا اذا رمنا أن نغير ظاهرة ما وجب علينا أن نغير الشروط والعوامل التي انتجتها. لا ان نحاكم أصحابها ونتحامل عليهم..؟
ارقصوا. ابناءانا. وغنوا....افرحوا. فذلك شأنكم وشأن اولياءكم......وصدق جبران ..لانكم ".أنتم أبناء الحياة "
ولا عزاء لأصحاب الرؤى الأخلاقوية الباءسة...اااا
___محمد الطاهر قرمازي ____